أنا أرمني من الشتات أعيش في لندن. درستُ التاريخ (بكالوريوس) ودراسات الأمن (ماجستير) في جامعة كوليدج لندن، وركزتُ في دراستي على المجتمعات الشتاتية وعلاقاتها مع مجتمعات "البلد المضيف" و"الوطن الأم". والدتي من الجالية الأرمنية في السودان، وقد هاجر أجدادها إلى السودان من المرتفعات الأرمنية نتيجة للإبادة الجماعية التي ارتكبها الإمبراطورية العثمانية بحق الأرمن ومجموعات عرقية أخرى والتي بدأت رسميًا عام 1915. وعلى الرغم من تأقلم عائلتي مع الحياة في السودان، إلا أنهم حافظوا على نمط حياتهم الأرمني، حيث كانوا يتحدثون اللغة الأرمنية، ويواظبون على حضور الكنيسة، ويحافظون على التقاليد الثقافية التي ورثوها من الوطن الأم، والتي تطورت وانتقلت عبر الأجيال.

القصص التي سمعتها عن الجالية رسمت لي صورة للخرطوم الكوزموبوليتية، حيث عاش الأرمن في وئام مع ثقافات أخرى وازدهروا في مجال التجارة، وتركّزت حياتهم المجتمعية حول الكنيسة الأرمنية والنادي الأرمني. لكن مع انتقال السودان من الحكم الاستعماري البريطاني إلى الاستقلال، ثم مرورًا بالتقلبات السياسية والثورات والحروب الأهلية، تغيرت ظروف الجالية، وهاجر معظم الأرمن إلى دول الشمال العالمي تقريبًا منذ عام 1970 فصاعدًا.

الجالية السودانية الأرمنية غير معروفة بشكل واسع وغالبًا ما يتم تجاهلها في السرديات الخاصة بشتات الأرمن في الشرق الأوسط. كثيرًا ما يُفاجأ الناس عندما يخبرهم السودانيون الأرمن بأنهم "سوداناهاي" (أرمن سودانيون)، فيكون الرد غالبًا: "السودان! هون آل هاي كا؟" (السودان! هل هناك أرمن أيضًا؟).

ومع مرور الوقت، بدأت قصص هذه الجالية تتلاشى من الذاكرة وتواجه خطر الاندثار إلى الأبد. ومع اندلاع الحرب والأزمة الإنسانية في السودان عام 2023، تم التفكير في هذا المشروع بهدف توثيق تاريخ الجالية والمساهمة في المهمة الأوسع المتمثلة في الحفاظ على التراث الثقافي السوداني والأرمني على حد سواء.

sudanahye هو مشروع بحثي متعدد الوسائط، يستخدم وسائط مختلفة ليكون في متناول الجميع. كما يهدف إلى توثيق التاريخ الاجتماعي والثقافي للجالية، ليعكس العناصر السودانية والأرمنية المتداخلة في حياة هذه الجالية، وكيف أن حياة مجتمعات الشتات مرتبطة بشكل عميق بالبلد المضيف.

من خلال استحضار ذاكرة ماضٍ أكثر تنوعًا وتعددية، يسعى هذا المشروع إلى إعادة تخيّل الجالية السودانية الأرمنية ضمن السياقات الاجتماعية والثقافية السودانية المعاصرة، وإلى تعزيز سرديات إيجابية لمستقبل السودان عبر وسائل فنية.

يسعدنا أن نتواصل معكم! إذا كنتم ترغبون في المساهمة، أو معرفة المزيد، أو مناقشة هذا المشروع، فلا تترددوا في التواصل معنا.